صوت الصحراء
أثار وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، إعجاب المتابعين والإعلاميين على حدّ سواء، عقب ظهوره مساء الاثنين على القناة الثانية في لقاء خاص، وُصف بأنه من أكثر الحوارات الحكومية وضوحًا وجرأة في الفترة الأخيرة.
الوزير الذي فضّل لقرابة عام العمل في صمت، خرج هذه المرة بخطاب متزن وصادق، أجاب فيه على الأسئلة دون تبرير أو تهرّب، واضعًا النقاش الصحي في مساره الواقعي بعيدًا عن لغة الخشب أو تبادل الاتهامات.
لاقى أداء الوزير استحسانًا كبيرًا على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث وصفه العديد من الإعلاميين بالكفء والمهني. وكتب الصحافي يونس دافقير معلقًا: “فاش كدوز من أزمة مكفسة، وكيحتاضنوك رجال البلاد اللي عارفين قيمتك، وكيخليوك ثيق فراسك، ضروري دير الريمونتادا اللي درتي هاذ الليلة… برافو، معلم.”
أما عمر الشرقاوي فكتب قائلًا: “معلم أيييه أسيدي والله حتى معلم، ماشي لأنك نابغة في الصحة، بل لأنك خاطبت المغاربة بلسان الصدق والوضوح ونجحت في خطف إعجاب الكثيرين. برافو تهراوي.”
من جانبه، أشاد الإعلامي أحمد البوحساني بالوزير معتبرًا أنه أصبح أكثر وزراء حكومة أخنوش شجاعة ووضوحًا، مضيفًا أن “الرجل كان مقنعًا وصريحًا في أجوبته، ولم يحاول التهرب من أي سؤال.” كما اعتبر إعلاميون آخرون أن التهراوي كان موفقًا وصادقًا، ويمتلك كفاءة عالية ويشتغل في صمت دون بهرجة، ما يجعله نموذجًا في الجدية والمسؤولية.
من تابع الحوار لا يمكنه إلا أن يسجّل نقاطًا إيجابية لصالح الوزير: هدوء في الأداء، وضوح في الفكرة، انضباط لغوي، وجرأة محسوبة. لم يرمِ التهراوي المسؤولية على الحكومات السابقة، ولم يُشبع المشاهدين بأسطوانة “الإرث الثقيل”، باستثناء إشارة وحيدة إلى هشاشة البنية التحتية باعتبارها نتاج “تراكمات”.
في زمنٍ بات فيه الخطاب الحكومي مشوشًا ومتعاليًا أحيانًا، بدا التهراوي مختلفًا: صادقًا دون مبالغة، واقعيًا دون تبرير، ومقنعًا دون استعراض. ببساطة، قدّم ما ينتظره المواطن من كل مسؤول: أن يُحترم عقله، ويُخاطب بالحقيقة لا بالبلاغات الباهتة.
غير أن الوزير، رغم كل ذلك، يُلام على أمرٍ واحد: صمته الطويل. فقد انتظر أحد عشر شهرًا ليخرج بهذا الوضوح، مكتفيًا ببلاغات تقليدية من قبيل “قام الوزير بزيارة تفقدية” أو “ترأس اجتماعًا”، وهي صيغ لم تُشبع فضول الرأي العام، ولم تُجِب على الأسئلة المتراكمة حول وضعية القطاع الصحي.
تُطرح هنا تساؤلات مشروعة: هل كان الصمت خيارًا سياسيًا؟ أم أنه اعتقد أن الإنجاز يُغني عن التواصل؟ أم أن ثقافة “الاشتغال في صمت” لا تزال تهيمن على بعض الوزراء؟
مهما يكن السبب، فإن النتيجة واحدة: فقدان فرصةٍ ثمينة لبناء رصيدٍ من الثقة مع المواطنين، كان يمكن أن يتعزز تدريجيًا عبر تواصلٍ منتظم وواضح وإنساني. لكن ظهوره الأخير على القناة الثانية أثبت أن الوزير يمتلك ما يقوله، وما يدافع به عن سياساته وخياراته، بل وربما ما يُعيد الثقة في قطاعٍ يُعدّ من أكثر القطاعات حساسية في حياة المغاربة.

تعليقات الزوار