ما بين السطور: الملك ينتقد بطء الأداء السياسي ويدعو للمحاسبة

 

بقلم محمد الحبيب هويدي

في خطابه الأخير أمام البرلمان، لم يكن الملك بحاجة إلى تكرار العبارات المعتادة، بل اختار كلمات دقيقة تحمل رسائل قوية. بين السطور كان هناك نقد خفي للأداء السياسي في المغرب. حين تحدث عن “التحلي باليقظة والالتزام” أو “التحول إلى وتيرة أسرع”، كان يشير إلى بطء المؤسسات الحكومية التي لم تعد قادرة على مواكبة تطلعات المواطنين.

الملك انتقل من الحديث عن الرؤى والاستراتيجيات إلى نتائج ملموسة، مما يعكس انتهاء مرحلة التخطيط الدائم وبدء مرحلة الفعل الحقيقي. في هذا السياق، كانت دعوته إلى “تغيير العقليات” بمثابة تحذير من أن التغيير لا يكمن فقط في الموارد أو الأفكار، بل في إعادة هيكلة نمط السلطة القائم الذي لا يزال يتسم بالإدارة البيروقراطية القديمة.

كما أشار إلى تراجع دور الأحزاب في التأطير السياسي ودعاه إلى تفعيل تواصلها مع المواطنين. ولكن الانتقاد لم يتوقف عند الحكومة وحدها؛ بل انتقد الصراع غير المجدي بين الأغلبية والمعارضة، مشيرًا إلى ضرورة أن تساهم المعارضة في البناء لا في الهدم.

أحد النقاط الجوهرية في الخطاب كان دعوته إلى توزيع المسؤولية بين كافة مكونات الدولة: البرلمان، الأحزاب، الإعلام والمجتمع المدني. فالمواطنة لم تعد مجرد انتماء، بل مشاركة فعلية في عملية الإنتاج والتغيير.

اختتم الملك خطابه بآية “فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره”، تذكيرًا بأن الفعل السياسي يُقاس بالنتائج وليس بالنوايا. اختلال ميزان العدالة، الذي يتمثل في رؤية الشر (الفساد) بشكل واضح بينما الخير أصبح استثناءً، هو ما يستدعي إصلاحًا حقيقيًا في مؤسسات الدولة.

ما لم يقله الملك كان الأكثر وضوحًا: زمن الكلام قد انتهى، والمرحلة المقبلة تتطلب أفعالًا حاسمة تترجم الرؤية إلى واقع.

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد