أخنوش بين ضغط المرحلة ورهان التسريع: قراءة في رسالته للبرلمانيين والوزراء

 

صوت الصحراء : المحرر السياسي

في سياق سياسي تتزايد فيه التحديات الاقتصادية والاجتماعية، وجّه رئيس الحكومة ورئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، عزيز أخنوش، خطاباً واضحاً وحاسماً إلى برلمانيي حزبه ووزرائه، داعياً إياهم إلى الانتقال من الوتيرة الإدارية إلى دينامية الفعل الميداني، وإلى مضاعفة الجهود في التواصل مع المواطنين وتسريع تنزيل البرامج الحكومية.

الرسالة، التي جاءت خلال لقاء داخلي جمع قيادة الحزب بفريقه البرلماني، لم تكن مجرد توجيه تنظيمي، بل حملت بعداً سياسياً وتدبيرياً يعكس إدراكاً متزايداً بأن المرحلة تتطلب حضوراً ميدانياً أكثر من الخطاب المؤسساتي. فالأشهر المقبلة، التي تتزامن مع مناقشة مشروع قانون المالية، تعد اختباراً حقيقياً للحكومة وحزبها القائد في ترجمة الوعود إلى نتائج ملموسة.

أخنوش ذكّر البرلمانيين بأن دورهم لا ينحصر في الحضور التشريعي، بل يمتد إلى شرح السياسات الحكومية للرأي العام وتوضيح ما تحقق وما تعثر، في خطوة تعكس رغبة في استعادة جسور الثقة بين المواطن والمؤسسة السياسية.

أما على مستوى الجهاز التنفيذي، فقد استلهم رئيس الحكومة مضامين الخطاب الملكي الأخير الذي شدد على مفهوم “التسريع”، ليجعل منه شعاراً مركزياً للفترة المقبلة. ودعا الوزراء إلى التحرك الميداني، والاستماع المباشر للمواطنين، والعمل على حل الإشكالات الواقعية بعيداً عن البيروقراطية.

غير أن تصريحات أخنوش، كما يرى جزء من الرأي العام، جاءت متأخرة نسبياً، إذ تُقرأ في سياق تزايد ضغط الشارع واحتدام النقاش الاجتماعي حول ارتفاع الأسعار، خاصة مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية المقبلة. ويعتبر بعض المراقبين أن حديث رئيس الحكومة عن التسريع والتواصل الميداني محاولة لتدارك ما وُصف بـ“البرود السياسي” الذي طبع جزءاً من الولاية الحالية.

كما أن دعوته إلى تحميل الحكومات السابقة جزءاً من مسؤولية الأوضاع الاقتصادية الراهنة، يثير تساؤلات لدى فئات من المتابعين، بحكم أن حزبه كان شريكاً أساسياً في الحكومات السابقة، وتولى خلال سنوات مضت مناصب وزارية وقطاعات اقتصادية محورية. وهو ما يجعل محاولته اليوم لتصحيح المسار خطوة تُقرأ بقدر من الاعتراف الضمني بضرورة مراجعة الأداء العام.

ويرى محللون أن خطاب أخنوش يعكس وعياً متزايداً داخل حزب الأحرار بضرورة تجديد آليات التواصل السياسي والإداري، خصوصاً بعد سنوات من تدبير حكومي اتُّهم أحياناً بالبطء في تنزيل بعض المشاريع. كما أن الرسالة، وإن بدت داخلية، إلا أنها موجهة أيضاً للرأي العام لتأكيد أن الحكومة تدرك متطلبات المرحلة وتسعى لتدارك التأخر في بعض الأوراش.

ويبدو أن أخنوش أراد من خلال هذا اللقاء أن يربط الشرعية الانتخابية بالأداء الميداني، مذكّراً بأن السياسة ليست فقط تدبيراً من المكاتب، بل حضوراً يومياً وسط المواطنين، حيث يمكن لمبادرة صغيرة أو لقاء بسيط أن يصنع الفرق ويعيد الثقة في الفعل العمومي.

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد