في إطار الإصلاحات الهيكلية الكبرى التي يشهدها المغرب، كشفت مذكرة تقديم مشروع قانون المالية لسنة 2026 عن استئناف الأشغال التحضيرية لإصلاح شامل لأنظمة التقاعد، وهو الملف الذي ظل لعقود متعثراً رغم هشاشة الصناديق وتفاقم عجزها.
وأوضحت المذكرة أن سنة 2025 شهدت استئناف عمل اللجنة الوطنية المكلفة بإصلاح أنظمة التقاعد، وذلك عقب جولة الحوار الاجتماعي لشهر أبريل 2025، حيث تم الاتفاق مع الفرقاء الاجتماعيين على ضرورة وضع تصور توافقي ومنصف للإصلاح، يأخذ بعين الاعتبار التزامات جولات الحوار السابقة، خاصة مخرجات أبريل 2024.
ويقوم المخطط المطروح لإصلاح أنظمة التقاعد على إرساء منظومة مزدوجة تتوزع بين قطب عام وآخر خاص، في أفق توحيد المعايير وضمان الانسجام بين مختلف الأنظمة، وفق مقاربة تشاركية تهدف إلى الحفاظ على الحقوق المكتسبة للمؤمنين والمتقاعدين إلى حين دخول الإصلاح حيز التنفيذ.
وتراهن الحكومة من خلال هذا الإصلاح على ضمان استمرارية وديمومة الصناديق، في ظل ارتفاع الضغوط الديمغرافية وتزايد كلفة المعاشات، فضلاً عن تحقيق عدالة في التوزيع وشفافية في تدبير الاشتراكات والمعاشات، بما يتماشى مع الواقع الاقتصادي الوطني وتوصيات الخبراء.
وقد عقدت اللجنة الوطنية اجتماعها الأول في 17 يوليوز 2025 لتحديد المنهجية التي ستُعتمد في صياغة سيناريو الإصلاح، مع تكليف اللجنة التقنية المنبثقة عنها بمهمة تحليل السيناريو المقترح، ودراسة الملاحظات والمقترحات المختلفة، والتوصل إلى صيغة توافقية.
ومن المنتظر أن ترفع نتائج اللجنة التقنية إلى اللجنة الوطنية قبل شهر أبريل 2026، ليتم حينها الحسم في الخطوط العريضة للسيناريو الإصلاحي. بعدها ستنتقل الحكومة إلى المرحلة الثانية، المتمثلة في إعداد النصوص التشريعية والتنظيمية اللازمة لتنزيل الإصلاح، على أن تُعرض على البرلمان مع بداية مايو 2026.
ويعد إصلاح أنظمة التقاعد من أبرز التحديات التي تواجه المالية العمومية في المغرب، في ظل عجز هيكلي مزمن تعاني منه بعض الصناديق، مثل الصندوق المغربي للتقاعد، وارتفاع متوسط الأعمار، وتراجع نسبة المساهمين مقارنة بعدد المستفيدين.
وتسعى الحكومة من خلال هذا الإصلاح إلى إرساء نظام تقاعد متوازن ومستدام، يجمع بين العدالة الاجتماعية والفعالية المالية، ويعزز ثقة المواطنين في منظومة الحماية الاجتماعية، خاصة في ظل التوجه نحو تعميم التأمين الصحي والتعويض عن فقدان الشغل. – تليكسبريس 2025