الأسد الذي لم يزأر.. والحمار الذي تخيّل نفسه سلطانًا”

صوت الصحراء :
في غابةٍ غير بعيدة عن واقعنا، حدثت قصة قد تبدو خيالية، لكنها تُجسّد أحوالًا واقعية نعيشها في تفاصيل كثيرة من حياتنا السياسية والاجتماعية.
ذات مرة، وبعد عناء طويل في الصيد، نجحت مجموعة من الأسود في القبض على حمار بريّ. وعلى غير العادة، قرر أحد الأسود أن لا يُقتل هذا الحمار، بل أن يُستخدم لأغراض أخرى أكثر دهاءً.
فكرة عبقرية شيطانية راودت الأسود: لماذا نتعب أنفسنا في مطاردة الحمير، بينما يمكننا زرع أحدهم زعيمًا عليهم؟ وهكذا، تبنّوا الحمار، غذّوه، زيّنوه، وألبسوه ثياب العظمة. أوهموه أنه أحدهم… بل أكثر. ومع مرور الوقت، صدّق الحمار الرواية. تماهى مع الدور. وصدّق نفسه “أسدًا بين الحمير”.
أُعيد الحمار إلى قومه، ولكن هذه المرة ليس كما خرج. عاد زعيمًا مدعومًا من قوة لا تُقهر: “الأسود”. ارتعبت منه الحمير، وخضعت له. ومن خالفه، سلّمه الحمار للأسود… وجبة سائغة في زياراتهم الدورية. وهكذا، وجدت الأسود حلاً عبقريًا يريحها من عناء الصيد، وضمن الحمار لنفسه سلطةً لم يكن ليحلم بها.
لكن الحقيقة المُرّة كانت واضحة للجميع… عدا عن الحمار:
كان أسدًا فقط بين الحمير.
وبقي حمارًا بين الأسود.
الإسقاط الحقيقي
هذه القصة الرمزية ليست محض خيال. بل هي تجسيد دقيق لحال بعض القادة والحكومات في عالمنا العربي والعالمي: زُرِعوا في مواقع القرار بدعم قوى خارجية، وقُدّموا لشعوبهم على أنهم المنقذون، بينما هم في الحقيقة أدوات تُسهّل السيطرة، وتُنفّذ أجندات لا تُمثل شعوبها.
يديرون المشهد بقسوة، ويدّعون القوة، بينما هم أضعف من أن يرفضوا أوامر داعميهم.
وما أكثر “الحمير الذين ظنّوا أنفسهم أسودًا” في زماننا…!
العبرة
في النهاية، الزيف لا يصنع انتماءً، والولاء المصطنع لا يصمد أمام التاريخ.
ومن باع نفسه ليُستَخدم، فسيُرمى بعد الاستخدام.
والشعوب – مهما صبرت – لا تنسى من باعها، ولا من خاف على نفسه أكثر منها.
ربما آن الأوان لنميز بين من زأر بصدق، ومن صُنع له زئير في كواليس الغابة…

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد