صوت الصحراء:
أصدرت المحكمة الابتدائية بالقنيطرة حكماً وُصف بـ”الرائع” من طرف المراقبين القانونيين، لما يتضمنه من تكريس فعلي لمبادئ المحاكمة العادلة المنصوص عليها في الفصل 120 من الدستور المغربي، ومن احترام لسلطة القضاء في مراقبة مشروعية محاضر الشرطة القضائية وعدم التسليم بمضمونها بشكل مطلق.
فقد قضت المحكمة بـاستبعاد ما ورد بمحضر الشرطة القضائية المتعلق بعملية الحجز والإيقاف، بعد أن ثبت للمحكمة عكس ما تضمنه المحضر من خلال شهادة الشهود الذين حضروا الواقعة، معتبرةً أن المحاضر لا يمكن أن تكون حجة قاطعة إلا إذا تعززت بأدلة مادية وموضوعية.
وفي إطار تحقيق الدعوى وحرص المحكمة على ضمان حقوق الدفاع والحق في محاكمة عادلة، قررت الهيئة القضائية استدعاء ضابط الشرطة القضائية محرر المحضر، وكذا عناصر الشرطة الذين قاموا بإيقاف المتهم، للاستماع إليهم بشأن ملابسات القضية.
وبعد مناقشة الملف والاستماع إلى الشهود والضابط وعناصر الشرطة، خلصت المحكمة إلى عدم مؤاخذة المتهم من أجل جنحة حيازة المخدرات والاتجار فيها والاستهلاك، لتقضي في النهاية بـبراءته التامة.
ويستند هذا الحكم، الذي اعتبره متتبعون سابقة إيجابية في العمل القضائي، إلى مقتضيات المواد 305 و325 و385 من قانون المسطرة الجنائية، التي تخول للمحكمة سلطة تقدير وسائل الإثبات واستبعاد كل دليل مشوب بعدم المشروعية أو التناقض.
ويرى عدد من القانونيين أن هذا القرار يعزز مكانة القضاء كـ”ضامن للحقوق والحريات”، ويشكل رسالة واضحة مفادها أن محاضر الشرطة القضائية ليست فوق الرقابة القضائية، وأن العدالة لا تُبنى إلا على الحقيقة القضائية المستخلصة من المحاكمة العلنية والشفوية لا من مجرد محاضر مكتوبة.