تشهد مدينة الداخلة حراكاً سياسياً متسارعاً يُنذر بتحولات عميقة داخل عدد من الأحزاب، في ظل اقتراب الاستحقاقات الانتخابية المقبلة. ملامح الانقسام بدأت تبرز من خلال صراعات داخلية وخلافات حادة حول الترشيحات وتوزيع المواقع، دفعت بعض الأطراف إلى تشكيل تحالفات غير مألوفة هدفها الأساسي إزاحة أسماء بعينها عبر أساليب التمويه السياسي وتفتيت الكتل التصويتية، خاصة داخل القبائل التي تشكل ثقلاً انتخابياً مؤثراً في المنطقة.
هذا التوتر الانتخابي لم يخلُ من مظاهر تثير الجدل، من بينها الحديث المتداول عن لجوء بعض الفاعلين إلى ممارسات غير عقلانية كالتقرب من المشعوذين، في مشهد يعكس مدى ضعف الثقة في البرامج والرهان على الغيبيات بدل تعبئة الناخبين حول رؤى واضحة ومشاريع تنموية حقيقية.
في هذا السياق، يبرز حراك شبابي صاعد، خصوصاً في حي الوحدة المعروف بـ”الوكالة”، حيث تسود حالة من الرفض لأساليب التهميش التي عانى منها الشباب لعقود، وتبلورت نواة جديدة تسعى إلى تقديم لائحة مستقلة تعكس تطلعات ساكنة الحي وتضع مطالبهم في صلب النقاش العمومي. هذه المبادرة تحمل دلالات سياسية قوية، خصوصاً أنها تأتي من فئة لطالما اعتُبرت خزّاناً انتخابياً يُستدعى فقط وقت الاقتراع.
التحركات لا تقتصر على “الوكالة”، بل تمتد إلى شرائح شبابية واسعة في الداخلة، حيث تتنامى مشاعر الإقصاء من دوائر القرار، في ظل ما يعتبره البعض تغولاً لاقتصاد الريع والمحسوبية، الذي أنتج طبقة من المنتخبين المنغلقين على مصالحهم الشخصية، بعيداً عن هموم المواطنين.
يأتي هذا كله في وقت تشهد فيه المدينة دينامية اقتصادية مرتبطة بمشاريع كبرى، من بينها ميناء الداخلة الأطلسي، ما يزيد من رهانات المرحلة، ويجعل من الانتخابات المقبلة اختباراً حقيقياً لمدى قدرة النخب على مواكبة التحولات، أو استمرار منطق إعادة إنتاج نفس الوجوه تحت عناوين براقة.