تخصص الصيد التقليدي.. بين مقترحات الوزارة وتحفظات المهنيين

صوت الصحراء :
في ظل التحديات المتزايدة التي يعرفها قطاع الصيد التقليدي بالمغرب، انعقد يوم الأربعاء 30 أبريل 2025 بمقر كتابة الدولة المكلفة بالصيد البحري بالرباط، لقاء تشاوري هام جمع مسؤولين من وزارة الصيد البحري، يتقدمهم عبد الله مستتر، مدير الصيد البحري، بممثلي الكنفدرالية الوطنية للصيد التقليدي، والكنفدرالية المغربية للصيد التقليدي، إلى جانب ممثلين عن غرف الصيد البحري، وذلك في إطار دينامية جديدة تروم تأهيل القطاع وتحسين ظروف اشتغال المهنيين.

ركز الاجتماع على دراسة مقترح تفعيل التخصص بأسطول الصيد التقليدي، باعتباره أحد محاور إعادة الهيكلة التي تسعى الوزارة إلى تنزيلها. وقد تباينت وجهات النظر حول هذا الإجراء، حيث شدد ممثلو المهنيين على ضرورة اعتماد مقاربة واقعية تراعي خصوصيات النشاط البحري، معتبرين أن حصر التخصص في صيد الأسماك السطحية الصغيرة، مثل “السويلكة”، قد يكون ممكناً، لكنه لا يمكن تعميمه على باقي الأصناف، في ظل تنوع أنشطة القوارب التي تشتغل حسب المواسم البحرية بين صيد الأخطبوط، باستخدام آلية “الكراشة”، وبين استعمال الشباك المتعددة لاستقطاب أصناف أخرى، رغم محدودية الكمية والنوعية.

إلى جانب ذلك، ناقش اللقاء مسائل تنظيمية وتقنية، من بينها كيفية قياس القوارب التقليدية، واحترام الخصوصيات المهنية خاصة في المناطق الشمالية، وكذا تطوير شروط السلامة والعمل، من خلال المطالبة بالسماح باستخدام محركات بحرية بقوة 40 حصاناً عوضاً عن 25، وهو مطلب يبرره المهنيون بكون هذه المحركات تستهلك كميات أقل من الوقود، وتتماشى مع المعايير البيئية الحديثة.

وقد برز خلال اللقاء تأكيد مختلف الأطراف على أهمية مواكبة التحولات التي يعرفها القطاع، سواء من حيث تحديث القوانين المنظمة، أو تحسين جودة التكوين البحري، وتعزيز الدور الاجتماعي للمهنيين، الذين يشكلون النواة الصلبة لهذا النشاط الحيوي في عدة موانئ وجهات ساحلية.

وشكل اللقاء أيضاً فرصة لإطلاق دينامية جديدة بين مختلف مكونات القطاع، حيث تم تسجيل تقارب بين الكنفدراليتين المهنية، في أفق بلورة موقف موحد يعكس تطلعات المهنيين، ويعزز حضورهم في مسارات التفاوض مع السلطات الوصية، من أجل وضع خارطة طريق تشاركية تضع في أولوياتها الاستدامة البيئية، والتوازن الاقتصادي، وتحسين ظروف عمل البحارة، في ظل ارتفاع تكاليف التجهيز، وتزايد التحديات المناخية والبيئية التي تهدد الموارد البحرية.

وفي هذا الصدد، نوه الحضور بالانفتاح الذي تبديه كتابة الدولة المكلفة بالصيد البحري على المقترحات المهنية، معتبرين أن الحوار المباشر، والاعتراف بتعدد الرؤى، يمثلان مدخلاً أساسياً لتجاوز الإكراهات الهيكلية التي تعاني منها المهنة.

كما تمت الدعوة إلى ضرورة تسريع وتيرة إخراج مدونة الصيد البحري في نسختها الجديدة، بما يضمن حماية الحقوق المهنية والاجتماعية للفاعلين في القطاع، وتحسين حكامة تدبير الموارد، وتعميم آليات التتبع والمراقبة، خاصة في ما يتعلق بمحاربة الصيد غير القانوني، والتصدي للتلوث البحري، وتعزيز الرقمنة في المساطر الإدارية.

ويأتي هذا اللقاء في وقت يتصاعد فيه النقاش الوطني حول مستقبل الصيد التقليدي، باعتباره رافعة اجتماعية واقتصادية لآلاف الأسر المغربية، ومكوناً استراتيجياً ضمن رؤية تنموية مستدامة تقوم على التوازن بين الاستغلال الرشيد للموارد البحرية والحفاظ على التوازنات الإيكولوجية.

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد