بقلم محمد فاضل حمنة
تُعد الأحزاب السياسية ركيزة أساسية في أي نظام ديمقراطي، حيث تلعب دورًا محوريًا في تأطير المواطنين وتمثيلهم في المؤسسات المنتخبة. غير أن الواقع السياسي في مدينة الداخلة يكشف عن ظاهرة تُثير الكثير من التساؤلات، وهي ضعف نشاط فروع الأحزاب السياسية وغيابها عن الساحة إلا خلال فترات الانتخابات أو عند زيارة لجان مركزية من القيادة الحزبية. فهل تعكس هذه الظاهرة أزمة في العمل الحزبي؟ وما تأثيرها على المشهد السياسي المحلي؟
تشهد الداخلة، كما هو الحال في العديد من المناطق الأخرى، غيابًا واضحًا لأنشطة الأحزاب السياسية على مدار السنة، حيث تغلق مقراتها أبوابها لفترات طويلة، ولا تُفتح إلا مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية أو عند الحاجة لاستقبال وفود حزبية مركزية. هذا الوضع يضعف التواصل بين الأحزاب وقواعدها الشعبية، ويجعل العمل السياسي محصورًا في دائرة ضيقة من الأعضاء الذين يستفيدون من الدعم العمومي أو الامتيازات السياسية.
يفترض في الأحزاب أن تكون فضاءات للنقاش السياسي والتأطير المستمر للمواطنين، غير أن الواقع يشير إلى عكس ذلك، إذ تكتفي بعض الفروع الحزبية بالحد الأدنى من الأنشطة، وغالبًا ما يكون غيابها مبررًا بضعف الموارد المالية أو قلة الاهتمام من طرف القيادة المركزية. والمثير للانتباه أن بعض الفروع تعاني حتى من مشاكل إدارية وتنظيمية، مثل عدم تسديد مستحقات كراء المقرات، في انتظار الحصول على الدعم العمومي.
إن استمرار هذه الظاهرة يؤثر بشكل مباشر على جودة العمل السياسي، حيث يؤدي إلى عزوف المواطنين عن المشاركة في الشأن العام، ويُكرّس صورة سلبية عن الأحزاب باعتبارها مجرد أدوات انتخابية وليس مؤسسات تعمل لخدمة قضايا المجتمع. ولتجاوز هذه الوضعية، لا بد من فرض قوانين تُلزم الأحزاب بتنشيط فروعها المحلية بشكل دوري، وربط الدعم العمومي بمستوى الأنشطة الفعلية، وتشجيع الشباب والمجتمع المدني على الانخراط في الحياة السياسية، والضغط على الأحزاب لتكون أكثر فاعلية. كما يمكن توظيف التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي كوسيلة لتعزيز الحضور الحزبي والتفاعل مع المواطنين بشكل دائم.
إن ضعف نشاط فروع الأحزاب السياسية بالداخلة هو انعكاس لمشكلة أعمق تتعلق بتدبير العمل الحزبي في المغرب عمومًا. ولتحقيق ديمقراطية حقيقية، لا بد من إعادة النظر في دور الأحزاب وطرق اشتغالها، حتى تكون أكثر قربًا من المواطنين، وليس فقط عند اقتراب الانتخابات. فهل ستستجيب الأحزاب لهذا التحدي أم سيستمر الوضع على ما هو عليه؟