قلق كبير بالداخلة “الصيد مقابل السلم الاجتماعي” الخطر القادم للزحف على مخزون “س” من الأسماك
صوت الصحراء
يعيش مهنيو الصيد البحري بجهة الداخلة وادي الذهب، تحديا وجوديا، بفعل انخفاض المخزون، وتواتر الأخبار عن وجود مخططات سرية للهجوم الزحف على منطقة المخزون ” س” من طرف مراكب الصيد الساحلي المرقمة بموانئ مختلفة بالمغرب، هذا القلق يزداد كل يوم، وهم يتابعون تحركات مشبوهة ستأتي على كل الجهود الرامية إلى تحقيق استدامة الموارد البحرية، المهنيون يعتبرون أن النداءات الرامية إلى السماح لمراكب الصيد الساحلي صنف السردين، العاملة بمختلف الموانئ ، بالدخول إلى مصيدة الأسماك السطحية الجنوبية ” س “،( بوجدور – الداخلة)، هي نداءات غير واعية بخطورة الزحف الشامل على ما تبقى من المخزون بمصيدة الأسماك السطحية الجنوبية بدون سند قانوني أو مهني أو علمي , حيث يعاكسون في ذلك توجيهات المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري INRH الذي سبق له أن قدم توصياته للوزارة بناء على الأبحاث العلمية، تحذر من الضغط على مصيدة ( الداخلة – بوجدور ) وبناء على مقتضيات بعض المخططات و القرارات الإيجابية، مثل برنامج “أليوتيس” الذي جاء ليحافظ على الثروات السمكية، و وضع أجندة خاصة لصيد وتثمين المنتوجات البحرية.
المطالبين بدخول مجموعة من مراكب الصيد الى مصيدة الداخلة يتذرعون بالوضعية الاجتماعية لعموم البحارة، والوضعية الاقتصادية لعموم المجهزين، غير أن ذلك لا يبرر السماح لهم بتأزيم ما تبقى وتدمير مستقبل الثروة البحرية وتكرار تجارب أليمة كما هو الحال في في العرائش وطنجة وأصيلة والقنيطرة وآسفي واكادير والعيون التي كانت تتوفر على مخزون بحري ثمين، تنشط به بعض المراكب القليلة جدا، قبل أن يزداد عددها فيما بعد، ليصبح الصيد مفتوحا بالليل والنهار، إلى درجة أن المراكب تقضي ما بين أربعة وسبعة أيام في رحلتها داخل البحر من أجل الحصول على القليل من السمك، حتى وصل الأمر إلى الفقدان والانعدام وإغلاق المعامل .
إن مطالب مجهري وملاك مراكب الصيد الساحلي الذي ينتمون إلى موانئ متعددة شمال المملكة بالولوج المصيدة الجنوبية “س”، هي مطالب اعتبرها مهنيون بالصيد البحري بالداخلة، منافية لتطبيق مبدأ احترام نطاق العمل بالنسبة لوحدات الصيد، حيث تلتزم مثلا قوارب الصيد التقليدي بجهة الداخلة باحترام ترقيمها الذي يلزمها بالإبحار والعودة الى نقطة صيد وحيدة، الشيء الذي يجب أن ينسحب على مراكب صيد الأسماك السطحية التي بدورها يجب أن يبقى نشاطها قارا ومرتبط بميناء ترقيمها، لا أن تصول وتجول كما يحلو لها .
المصدر المهني فند مزاعم المجهزين، التي قيل علنها أن تعتمد على رأي المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري INRH في أسباب تناقص الثروة البحرية ، زاعمين أن الأمر مرتبط بنشاط سفن rsw وغير مرتبط بنشاط مراكب الصيد الساحلي، في حين أن الواقع يقول عكس ذلك، حيث أن هذا النوع من السفن غير موجود في الموانئ التي دمرت ثروتها، ناهيك على أن الانشطة البحرية المرتبطة بميناء الداخلة، أصبحت في أغلبها أنشطة استثمارية كبيرة تشغل يد عاملة مهمة برا وبحرا، وهي تدخل في إطار تنفيذ مقتضيات مخطط أليوتيس التي يحاول البعض أن يجعها غير ملزمة ما دامت لم تصب في مصلحته .
المصدر المهني أكد بأن الهدف كل الهدف هو تدمير مصيدة ” س” كنظيراتها من المصائد الأخرى، رغم أنها أصبحت تعاني بدورها من ندرة المصطادات السمكية خاصة سمك السردين، متسائلا عن من المستفيد من محاولة إلغاء رأي الغرفة الأطلسية الجنوبية، التي يجب أن تدافع بقوة عن تطبيق القوانين الجاري بها العمل الرامية الى حماية المخزون ” س” من مستنزفي المصايد الذي يريدون تدمير ما تبقى وإقبار مخطط تهيته الأسماك السطحية الصغيرة، و إطلاق العنان للعشوائية والفوضى .
في سياق متصل، اعتبرت فعاليات مدنية بأن عدم احترام الثروات البحرية أدى إلى تراجع كبير في المخزون، وذلك نتيجة العوامل الطبيعية كارتفاع درجة الحرارة وتلوث المياه والنشاط الإنساني غير المسؤول، إن النشاط الغير المسؤول أدى بالدرجة الأولى إلى تناقص الحلقات الأهم في السلسلة الغذائية البحرية، التي تعتبر الأسماك السطحية الصغيرة محورها الرئيسي، بحيث ستنقرض باقي الأصناف إذا انقرضت بأي عامل من العوامل ، مشيرة إلى أن الممارسات العشوائية تهدد القطاع بالتوقف مستقبلا، لأنه لا مستقبل للاستثمار بمدينة الداخلة بدون موارد بحرية، منبهة إلى أن استمرار هذا الانخفاض سيصل لا محالة إلى الانقراض، لنصل إلى السكتة القلبية، التي لا تتمناها ساكنة جهة الداخلة وادي الذهب .
وكشف مصدر مهني للجريدة بأن أقوال البعض المرتكزة على أن “هناك من المراكب التي عليها ديون وقروض، وأن هناك خسائر كبيرة بفعل الضعف المسجل في المنتوج على مستوى الموانئ المراد الرحيل منها ” كلها أقوال تفرض علينا دق ناقوس الخطر حول مستقبل الثروة وتفرض علينا تطبيق تدابير احترازية، و لا تدفعنا إلى مزيد من التهور لأن مستقبلنا مرتبط باستدامة الثروة السمكية ولهذه الاعتبارات، طالب نفس المصدر بضرورة إعادة النظر في طرق اتخاذ القرارات التي يجب أن تكون تشاركية و تستحضر كل الفاعلين في الميدان خاصة بجهة الداخلة وادي الذهب التي يتواجد بها المخزون السمكي المستهدف.
المصدر أشار الى أنه كلما اتجهنا نحو جنوب المغرب كلما اتسعت مساحة البحر وأصبحت أكثر استهدافا لإنهاك مخزونها، فعندما تضيق المصايد وتتعرض إلى ‘الجفاف البحري’ تضطر مراكب الصيد إلى الاتجاه نحو الأماكن التي توجد بها الأسماك، خصوصا في ظل عدم وجود ‘الزونينغ’ في السواحل البحرية للمغرب، وهذا كله عكس التخطيط وعكس التوجات الكبرى الرامية الى الاستدامة.
أحد المختصين أكد بأن مصايد المغرب بدون استثناء عرضة للجفاف، والمسؤولية الكبيرة على عاتق وزارة الصيد البحري، التي اعتمدت برنامج يحاول البعض أن يجعله فضفاضة، عوض أن يكون عمليا، والدليل هو التقارير الرسمية التي تصدر عن المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري، والغرف المهنية التي تؤكد انخفاض المخزون واختفاء بعض المصايد في المياه المغربية، مطالبا بضرورة “تطبيق ‘الكوطا’ اليوم لصيد جميع الأصناف السمكية بدل جعل الأبواب مفتوحة لولوج البحر بدون توقف، أضف إلى ذلك الحاجة إلى تطبيق الراحة البيولوجية مع تعويض البحارة والمهنيين أثناء تعليق نشاط الصيد”، مشددا على أنه لم يعد من المسموح: “مواجهة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية في القطاع باستنزاف البحر، تحت غطاء السلم الاجتماعي”.
جدير بالذكر أن مصيدة الداخلة تخضع مند سنوات إلى عملية التناوب وفق اتفاق بين المهنيين، يقضي بالقيام بقرعة اختيار 75 مركبا للصيد الساحلي صنف السردين يستفيدون من مخزون ” س ” كل سنة ، كما أن وزارة الصيد البحري و في إطار بنود إستراتيجية اليوتيس قامت بتفعيل مبدأ كوطا فردية حددت في 2000 طن لكل مركب ، مما جعل المهنيين يبدون رضاهم عن هدا الإجراء في أفق تحقيق تثمين المنتجات السطحية الصغيرة بذات المصيدة .