لكنفدرالية الوطنية للصيد التقليدي تُحذّر من هيمنة الأساطيل الكبرى وتدعو إلى إنصاف الصيادين الصغار من قلب روما
صوت الصحراء
في خضم الجهود الدولية الرامية إلى ضمان الأمن الغذائي وتعزيز سيادة الشعوب على مواردها، شكّلت العاصمة الإيطالية روما هذا الأسبوع محطة بارزة لنقاشات حيوية جمعت ممثلي المجتمع المدني من مختلف أنحاء العالم، ضمن ورشات منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو). وقد سجلت الكنفدرالية الوطنية للصيد التقليدي حضورًا فاعلًا في هذا المحفل الدولي، حيث انخرطت بقوة في مناقشة مستقبل المصايد وحقوق المجتمعات الساحلية.
وأكدت الكنفدرالية، ممثلة برئيسها عبد الله بليهي، أن صغار الصيادين في عدد من الدول الساحلية باتوا يواجهون تهديدًا وجوديًا بفعل التوسع المقلق لأساطيل الصيد الصناعية، التي لا تترك حيزًا عادلا للصيد التقليدي، مما يهدد التوازن البيئي والأمن الغذائي لملايين الأسر التي تعتمد على هذه الأنشطة كمصدر رئيسي للغذاء والدخل.
وفي مداخلته خلال الورشات، شدد بليهي على أن الحيف الذي تتعرض له الأساطيل التقليدية لم يعد مقبولا، داعيًا إلى إرساء سياسات منصفة تضمن الولوج العادل للمصايد، وتوفير الدعم اللازم لتأهيل العاملين في هذا القطاع، بما يعزز من مساهمتهم في الاقتصاد التضامني المحلي والدولي.
كما لم يفوّت رئيس الكنفدرالية الفرصة دون التعبير عن قلقه العميق إزاء الأوضاع المأساوية التي يعيشها الصيادون في بعض بؤر النزاع، وعلى رأسها فلسطين، حيث يُحرم الصيادون من حقهم في ممارسة نشاطهم بشكل آمن بسبب الحصار والتصعيدات المستمرة، وهو ما يُعد انتهاكًا صارخًا لحق الشعوب في الغذاء وفي استغلال مواردها الطبيعية.
ولم تقتصر مشاركة الكنفدرالية على نقل معاناة المهنيين، بل شكلت فرصة لتبادل الخبرات والتجارب مع ممثلي منظمات المجتمع المدني القادمة من مختلف القارات، خاصة في ظل التحديات البيئية المتسارعة، من تغير مناخي وكوارث طبيعية، وما يصاحبها من هشاشة في النظم الغذائية في مناطق واسعة من العالم.
وأكدت الكنفدرالية أن انخراطها المتزايد في المنتديات الدولية يعكس رؤية استراتيجية لبناء تحالفات قوية مع شبكات مدنية عالمية، دفاعًا عن العدالة في توزيع الثروات البحرية، وتعزيزًا لصوت المجتمعات المحلية في مراكز القرار الدولي.
ويعكس هذا التوجه رغبة صادقة في نقل النقاش حول الصيد التقليدي من الهامش إلى صلب السياسات الدولية، باعتباره ركيزة أساسية لتحقيق التوازن البيئي والاجتماعي، وعنصرًا محوريًا في معادلة التنمية المستدامة.
ويُشار إلى أن الورشات شهدت نقاشات معمقة حول التهديدات التي تتعرض لها السيادة الغذائية بفعل النزاعات المسلحة، والتغيرات المناخية، والسياسات التجارية المجحفة، حيث أجمع المشاركون على ضرورة تعبئة الجهود الدولية من أجل بناء نظام غذائي أكثر عدالة واستدامة، ينطلق من احترام حقوق الشعوب في مواردها، وتثمين جهود الفئات المنتجة على الأرض، وفي مقدمتها الصيادون التقليديون.