مهنيون يرفضون التخصص في آليات الصيد ويتمسكون بربط المراكب بموانئها الأصلية ومراجعة الصيد بالجر

 

صوت الصحراء

في جوّ اتسم بالهدوء والمسؤولية، احتضن مقر كتابة الدولة المكلفة بقطاع الصيد البحري يوم الاربعاء 04 يونيو 2025، اجتماعاً موسعاً جمع مسؤولين من الإدارة المركزية بمهنيين ممثلين للصيد التقليدي، لمناقشة قضية “تحديد آليات الصيد”، وهي النقطة التي فجّرت جدلاً واسعاً في أوساط البحارة وطرحت تساؤلات جوهرية حول مستقبل القطاع وحقوق العاملين فيه.

الاجتماع، الذي أشرف على تسييره مدير الصيد، عُرف بمستوى عالٍ من التنظيم، وشهد تبادلاً محترماً للرؤى بين مختلف الأطراف، رغم المواقف الصريحة والواضحة التي عبّر عنها المهنيون، حيث أعلنوا رفضهم القاطع لكل أشكال التخصص أو محاولات فرض آليات محددة للصيد، معتبرين أن هذا الطرح يخفي محاولة مقنّعة للتضييق على أنماط معينة من الصيد، على رأسها الصيد التقليدي، في ضربٍ صريح لمبدأي العدالة وتكافؤ الفرص.

ووفق إفادات متطابقة من داخل الاجتماع، فإن إصرار الإدارة على مناقشة آليات الصيد دفع المهنيين إلى طلب عقد جلسة مغلقة فيما بينهم، خَلُصت إلى التأكيد على ضرورة الرجوع إلى القواعد، أي البحارة الميدانيين، باعتبارهم الأقدر على تقييم واقع الصيد ومقترحات تطويره. وقد حُدّدت مدة 15 يوماً كمهلة للتشاور الداخلي قبل تقديم أي رد نهائي حول المقترحات المطروحة.

غير أن المهنيين جددوا تمسكهم بموقفهم الرافض للتخصص، معتبرين أن الصيد التقليدي لا يمكن أن يُحمّل أية مسؤولية في استنزاف الثروة البحرية، بل هو نمط انتقائي ومستدام، يعتمد على أدوات بسيطة وغير مدمرة، ويحترم البيئة والتوازن البيولوجي. في المقابل، أشاروا بوضوح إلى أن الأنماط المدمرة، وعلى رأسها الصيد بالجر، هي المتسبب الرئيس في تراجع المخزون السمكي، داعين إلى مراجعة شاملة لهذا النمط بما يتماشى مع متطلبات الاستدامة البيئية والاقتصادية.

وفي ذات السياق، شدد المهنيون على ضرورة فرض احترام مبدأ “ميناء الربط”، أي أن يلتزم كل مركب صيد ساحلي بالاشتغال في الميناء الذي يحمل رقمه، باعتبار ذلك شرطاً أساسياً لضمان تتبع حقيقي للمجهود البحري، وتعزيز الشفافية في أنشطة الصيد والتسويق، والحد من الممارسات غير القانونية.

ويأتي هذا النقاش الحساس في وقت يتزايد فيه الضغط على الموارد البحرية، وسط توجهات رسمية نحو إعادة هيكلة القطاع، مما يطرح تحدياً حقيقياً أمام صغار المهنيين لحماية مكتسباتهم وضمان تمثيلهم في القرارات المصيرية.

ويُجمع فاعلون في الميدان على أن أي إصلاح حقيقي للقطاع يجب أن ينبع من القاعدة، ويأخذ بعين الاعتبار صوت البحار البسيط، الذي يعيش من البحر ويحافظ عليه. فمن غير المقبول، بحسبهم، أن تُصاغ السياسات العمومية داخل المكاتب دون إشراك فعلي للمعنيين الأوائل، خاصة حين يتعلق الأمر بقضايا تهم سبل عيشهم وكرامتهم المهنية.

وبينما يُرتقب أن تشهد الأيام المقبلة لقاءات داخلية للمهنيين بهدف بلورة موقف نهائي موحد، يبقى الأمل معقوداً على مقاربة تشاركية تحترم التعدد، وتُعيد الاعتبار للصيد التقليدي كرافعة للتنمية المحلية وحامٍ للثروة البحرية.

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد