صوت الصحراء
عقد المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية اجتماعه الدوري مساء الجمعة 26 شتنبر 2025، بالمقر المركزي بالرباط، بحضور فعلي لأغلب أعضائه، مع تسجيل اعتذارات مبررة للبعض وغياب آخرين بدون إشعار. وقد خصص الاجتماع لمناقشة المستجدات المهنية والتنظيمية، وفي مقدمتها مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، الذي صادق عليه مجلس النواب وتمت إحالته على مجلس المستشارين.
أعضاء المكتب التنفيذي عبّروا، بإجماع واضح، عن رفضهم للصيغة الحالية للمشروع، مؤكدين أن طريقة تمريره تجاهلت أبسط قواعد الحوار والمشاركة، وضربت عرض الحائط بمقترحات النقابة ومكونات الجسم المهني. واعتُبر المشروع تراجعًا خطيرًا عن المكتسبات، ومساسًا بجوهر التنظيم الذاتي للمهنة الذي ينبغي أن يقوم على الشفافية والتعددية والاستقلالية والعدالة التمثيلية. وقد جاء هذا الموقف استمرارًا للبيان الصادر عن النقابة بتاريخ 11 يوليوز 2025، والذي عبّر بوضوح عن رفض التوجهات التي جاء بها النص المعروض على البرلمان.
كما توقف المجتمعون عند مختلف التحركات التي قامت بها النقابة خلال الأسابيع الماضية، والتي شملت لقاءات ترافعية مع مسؤولين سياسيين ونقابيين وممثلي المؤسسات المنتخبة، دفاعًا عن حرية واستقلالية المهنة، ومطالبة بسحب المشروع أو على الأقل تأجيل مناقشته وإعادته إلى طاولة المشاورات الواسعة، انسجامًا مع روح الدستور.
النقابة انتقدت أيضًا تغييب المهنيين وممثليهم عن مشاورات إعداد المراسيم والقرارات المرتبطة بالدعم العمومي، سواء في ما يتعلق بمعايير صرفه، أو توزيع نسبه، أو تشكيل لجنة الإشراف عليه. كما ندد المكتب التنفيذي بالتمييز المستمر في الأجور، وعدم مراعاة الأقدمية أو الحد الأدنى للأجور، إلى جانب استمرار تغييب الاتفاقية الجماعية، وحرمان المقاولات الصغرى والمتوسطة من دعم منصف، رغم أن هذه الأخيرة كانت جزءًا من منظومة الدعم منذ جائحة كوفيد-19.
وفي هذا السياق، دعا المكتب التنفيذي وزارة الشباب والثقافة والتواصل – قطاع التواصل – إلى تدارك هذه الاختلالات، وتحمل مسؤولياتها السياسية والقانونية، من خلال تجديد الاتفاقية الجماعية، والرفع من أجور الصحافيين وتحسين الحماية الاجتماعية والمهنية، وتكريس الحقوق الاقتصادية للعاملين في القطاع، بما يضمن استقرارهم المهني ودورهم الحيوي في بناء إعلام وطني قوي وتعددي.
كما عبّر المكتب عن استغرابه من تأخر صرف مستحقات الدعم الجزافي، خاصة لفائدة المقاولات الصغرى والمتوسطة، داعيًا إلى احترام الآجال القانونية، ومطالبًا بتطبيق الاتفاق الاجتماعي الموقع مع النقابة بأثر رجعي، وتضمينه في اتفاقية جماعية واضحة وعادلة. وقرر المكتب الشروع في خطوات نضالية تصاعدية داخل المؤسسات الإعلامية، ومع الوزارة الوصية، دفاعًا عن الحقوق المشروعة للمهنيين.
في سياق متصل، سجل المكتب التنفيذي قلقه من متابعة صحافيين مهنيين بالقانون الجنائي بدل قانون الصحافة والنشر، مجددًا رفضه لأي مساس بالحريات الصحافية والتعددية، ومؤكدًا أن لا معنى للحرية دون مسؤولية، ولا قيمة للمسؤولية دون ضمانات قانونية تحمي حرية التعبير والرأي.
وعلى المستوى التنظيمي، تقرّر عقد دورة المجلس الوطني الفيدرالي في نهاية أكتوبر المقبل، مع اتخاذ كل الإجراءات اللوجستية والتنظيمية لإنجاح هذه المحطة التي تُعد مفصلية في مسار توهج النقابة وتعزيز موقعها التمثيلي، خاصة في ظل التحديات المتزايدة التي تواجه الصحافيين وقطاع الإعلام بصفة عامة.
واختتم الاجتماع برسالة تضامن قوية مع الشعب الفلسطيني، ومع الصحافيين الفلسطينيين الذين يدفعون ثمنًا باهظًا في حرب الإبادة المتواصلة، تزامنًا مع “اليوم العالمي للصحفي الفلسطيني” الموافق لـ 26 شتنبر. وأكد المكتب أن أكثر من 252 صحافيًا وصحافية قضوا منذ بداية العدوان، بالإضافة إلى مئات المصابين والمفقودين والنازحين، وتدمير أزيد من 670 منزلًا خاصًا بالصحافيين، حسب معطيات رسمية صادرة عن نقابة الصحافيين الفلسطينيين. وشدد على ضرورة مواصلة دعم توثيق هذه الجرائم، وملاحقة الجناة أمام المحاكم والهيئات الدولية المختصة، دفاعًا عن كرامة الصحافة وحق الشعب الفلسطيني في الحرية والانعتاق.