الخبير الموريتاني محمد لمين عبد الحميد
صوت الصحراء
في وقت تتزايد فيه التحديات التي تواجه الثروة البحرية بموريتانيا، حذّر الخبير الاقتصادي وعضو فريق تقييم الإستراتيجية الوطنية للصيد، محمد الأمين عبد الحميد، من العودة إلى أنماط استغلال مفرطة تطال الأخطبوط، إحدى أكثر الثروات قيمة في البلاد.
وأوضح الخبير أن مؤشرات استنزاف الأخطبوط تجاوزت في إحدى المراحل عتبة 35%، وهو ما يمثل مستوى مقلقاً تجاوز سقف الاستغلال البيولوجي المسموح به. وعلى الرغم من تسجيل تحسن نسبي بين عامي 2014 و2019، فإن الضغوط عادت مجدداً مدفوعة بعوامل طبيعية وبشرية، من بينها اختلال التوازن في السلسلة الغذائية نتيجة صيد أنواع تتغذى عليها الأخطبوط.
وأشار عبد الحميد إلى أن السياسات الحالية خصصت هذا المورد الحيوي للفاعلين الوطنيين، داعياً إياهم إلى أن يضعوا المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار، باعتبار أن حماية الثروة مسؤولية جماعية وليست شأناً حكومياً صرفاً.
وفي سياق متصل، أكد أن الإستراتيجية الجديدة للصيد البحري لا تقتصر على ضبط الكميات المصطادة، بل تتبنى مقاربة شمولية تشمل تعزيز البنى التحتية، وخلق بيئة مواتية للاستثمار، وتحسين آليات تثمين المنتجات البحرية من حيث الجودة والقيمة المضافة.
وشدد على أن تعزيز فعالية نظام الحصص يمر عبر إصلاح شامل لرقابة الصيد التقليدي، مع ضرورة تحديد نقاط تفريغ رسمية، وتوفير شروط فنية تتيح تتبع الكميات بدقة وتقلص من هامش التجاوز.
وأضاف عبد الحميد أن الرهان الحقيقي اليوم لا يكمن فقط في استدامة المخزون، بل أيضاً في جعل البحر عاملاً تنموياً يعزز من فرص التشغيل ويدعم الاقتصاد المحلي، مشيراً إلى أن توفر البنى التحتية بالجودة المطلوبة يعد ركيزة لجذب مستثمرين قادرين على تحويل المادة الخام إلى منتجات مصدّرة بقيمة عالية.
يأتي هذا الطرح في وقت يتواصل فيه النقاش الوطني حول إعادة توجيه السياسات البحرية نحو نماذج أكثر استدامة وعدالة، وسط مطالب متزايدة بإشراك المجتمعات المحلية والصيادين التقليديين في صنع القرار، لضمان توازن بين الاستغلال الاقتصادي والحفاظ على البيئة البحرية.