صوت الصحراء
بينما تتوالى التساؤلات حول واقع استغلال الثروات البحرية الموريتانية، فجّر الخبير في شؤون الصيد البحري محمد ولد البشير جدلاً واسعاً بتصريحات لافتة، كشف فيها عن وجود ما وصفها بـ”اتفاقيات تأجير وهمية” لسفن صيد تنشط في المياه الإقليمية للبلاد. ولفت ولد البشير إلى أن هذه السفن، رغم حملها للعلم التركي، تعود فعلياً إلى رجال أعمال موريتانيين يديرونها عبر شركات لا تملك بنية إدارية واضحة، ما يفتح الباب أمام تساؤلات قانونية حول من يتحكم فعلياً في هذه الأساطيل، ومن يتحمل مسؤولية نشاطها.
التدخل التركي، وفقاً للخبير، ليس مفاجئاً في ظل ثغرات قانونية لا تزال قائمة في التشريعات الموريتانية، تسمح للسفن المستأجرة برفع أعلام أجنبية، رغم انعدام الشفافية في التسيير والملكية. هذه المعطيات تعيد إلى الواجهة إشكالية السيادة البحرية في ظل شراكات اقتصادية غير متوازنة، غالباً ما تميل لصالح الطرف الأجنبي، على حساب الصيادين المحليين ومصالح الدولة.
وتأتي هذه التصريحات على خلفية زيارة رسمية قام بها وزير الصيد البحري التركي إلى مدينة نواذيبو، برفقة نظيره الموريتاني، في خطوة رآها البعض تكريساً لحضور أنقرة في قطاع بات حساساً على المستويين الاقتصادي والبيئي. وترافق ذلك مع تصاعد الانتقادات الموجهة للأساطيل التركية، إذ اتهمها نشطاء بيئيون بممارسة الصيد في مناطق محمية، واستخدام معدات ممنوعة، وهو ما يهدد توازن النظام البحري المحلي ويضرب جهود الاستدامة عرض الحائط.
في السياق ذاته، يرى متابعون أن ما يحدث يعكس تحدياً أعمق يتمثل في ضعف آليات الرقابة على أنشطة الأساطيل الأجنبية، وغياب الشفافية في منح التراخيص، خاصة في ظل ما يعتبره البعض “تواطؤاً غير معلن” بين بعض المستثمرين المحليين وشركات أجنبية تتقن التلاعب بالثغرات القانونية. الدعوات تتزايد نحو مراجعة شاملة لمنظومة التسيير البحري، ووضع حدّ لعقود يُعتقد أنها لا تخدم المصلحة الوطنية بقدر ما تعزز هيمنة خارجية على موارد استراتيجية للبلاد.