الداخلية تستنفر مصالحها بسبب استغلال “التبوريدة” لأغراض انتخابية

كشفت مصادر مطلعة عن توصل وزارة الداخلية بتقارير سرية من أقسام “الشؤون العامة” بعدد من العمالات والأقاليم، توثق وجود شبهات قوية حول استغلال فعاليات “التبوريدة” من قبل عدد من المنتخبين المحليين والبرلمانيين لأغراض انتخابية، في أفق الاستحقاقات المقررة سنة 2026.

ووفق ذات المصادر، فقد شملت التقارير مواسم أقيمت في جهات الدار البيضاء – سطات، والرباط – سلا – القنيطرة، وبني ملال – خنيفرة، حيث تم رصد حضور مكثف لمنتخبين محليين يسعون لتثبيت مواقعهم السياسية أو تغيير انتماءاتهم الحزبية، في ظل بروز منافسين جدد واستعداد مبكر لمعركة التزكيات.

وتضمنت المعطيات المرفوعة إلى المصالح المركزية للوزارة تفاصيل دقيقة حول استغلال بعض المنتخبين لجمعيات وسماسرة لتقديم دعم مالي ولوجستي لمواسم “التبوريدة”، بما في ذلك تنظيم مأدبات جماعية وتوزيع مساعدات غذائية ونقدية على المشاركين في “السربات”، وذلك في سياق تنافسي غير معلن للهيمنة على الدوائر الانتخابية، لا سيما في الأوساط القروية.

تعليمات صارمة صدرت من وزارة الداخلية إلى الولاة والعمال تحث على تتبع ورصد كل مظاهر الاستغلال السياسي للتظاهرات الثقافية المرخصة، مع ضرورة تحديد هويات الأطراف المنظمة والداعمة، خاصة في ظل تزايد استعمال الأموال النقدية “الكاش” خلال أيام الموسم.

ومن بين أبرز المعطيات التي أثارها أحد التقارير، تسجيل إنزال سياسي بارز لمرشح محتمل للانتخابات البرلمانية المقبلة، يشغل حاليًا منصب رئيس مجلس إقليمي بجهة الدار البيضاء – سطات، ويخطط لتغيير انتمائه الحزبي.

كما رصد التقرير نفسه استمرار فعاليات “التبوريدة” خلال الصيف المقبل بأقاليم برشيد ومديونة والنواصر والمحمدية وبنسليمان، بحضور وجوه سياسية ونيابية معروفة.

وتحدثت مصادر عن مرشح بارز يملك مركز اتصال ويطمح لحصد أحد المقاعد الأربعة في إقليم برشيد، في حين يعوّل رئيس جماعة بالإقليم ذاته – يواجه حاليًا دعوى عزل معروضة أمام محكمة النقض – على إمكانية حيازة مقعد إضافي، مستفيدًا من ارتفاع الكثافة السكانية في دائرته حسب آخر معطيات الإحصاء العام.

كما دخلت مصالح وزارة الداخلية على خط استغلال محتمل للمال العام في “تسخينات انتخابية”، حيث وجه عدد من العمال مراسلات إلى رؤساء الجماعات الترابية تحذرهم من توظيف الآليات والموارد الجماعية لأغراض سياسية وانتخابية، في مخالفة صريحة للقانون التنظيمي رقم 113.14، وخاصة مواده من 94 وما بعدها.

ويأتي هذا التحرك في سياق تتبع صارم من طرف وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، لتنزيل المشاريع التنموية المبرمجة قبل نهاية النصف الأول من السنة الجارية، لا سيما تلك المتعلقة بالماء الصالح للشرب، ودور الطالب، ومراكز رعاية الأشخاص في وضعية هشاشة. وهي مشاريع رُصدت بشأنها أيضًا شبهات تعطيل أو توجيه سياسي يخدم أجندات انتخابية ضيقة، إضافة إلى استغلال بعض المنتخبين للمساعدات الرمضانية في سياق حملات سابقة لأوانها.

ويرى مراقبون أن وزارة الداخلية تستبق عبر هذه التحركات المبكرة أجواء التنافس الانتخابي المنتظر، وتسعى إلى ضبط المشهد المحلي ومحاصرة مظاهر التلاعب واستغلال النفوذ، في محاولة لضمان الحد الأدنى من الشفافية والنزاهة في الاستحقاقات المقبلة.

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد