جوهر الإنسان بين الوهم والحقيقة

بقلم محمد فاضل حمنة
الحياة مدرسة لا تنتهي دروسها، تضعنا أمام اختبارات مستمرة تفرق بين الفهم والوهم، بين الإدراك والغفلة. فكم من سراب خُيّل إلينا ماءً، وكم من وهم حسبناه يقينًا! وبين الداء والدواء حرف واحد، لكنه يصنع الفارق بين الحياة والموت، وبين النور والظلام.

ليس كل إنسان يُقاس بمظهره أو منصبه، فبعضهم لهم قيمة لا تقدر بثمن، بينما آخرون يُباعون في سوق المصالح بأبخس الأثمان. قال المتنبي:

إذا غامرتَ في شرفٍ مرُومِ ** فلا تقنعْ بما دونَ النّجومِ

فطَعمُ المَوتِ في أمرٍ حَقيرٍ ** كطَعمِ المَوتِ في أمرٍ عظيمِ

والاحترام لا يُفرض بل يُستحق، فهو لا يُمنح لمن لا يعرف قدره، ولا يُطلب ممن لا يقدّر غيره. قال أحد الحكماء:

“لا تعطي أحدًا أكبر من حجمه، فلو زاد الماء عن حده أغرق، ولو زاد الاحترام لمن لا يستحقه تحول إلى ذل.”

وكم من أناس قابلناهم بصفاء القلب، فقابلونا بالغدر، وكم من خير بذلناه، فجُوزينا بالجحود! لكن الأخلاق تظل هي الميزان الحقيقي للإنسان، فمن يملكها فهو أغنى الناس، ومن يفتقدها فهو فقير مهما امتلك. قال أحمد شوقي:

وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت ** فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا

وفي النهاية، تمضي الأيام وتكشف معادن البشر، فالمعدن الأصيل يظل ثابتًا لا تغيره الظروف، أما الزائف فسرعان ما ينكشف أمام أول اختبار حقيقي.

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد